حُجَّاج البيت العتيق و حُجَّاج الكُرَة و الفرِيق
صفحة 1 من اصل 1
حُجَّاج البيت العتيق و حُجَّاج الكُرَة و الفرِيق
حُجَّاج البيت العتيق و حُجَّاج الكُرَة و الفرِيق
لكاتبه :
سليم مجُّوبي الجزائريّ
- وفّقه الله -
طالب في مرحلة الماجستير بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبويّة
مقال الشّهر الّذي نُشر في :
موقع راية الإصلاح
28 ذو القعدة 1430 هـ
الحمد لله ربّ العالمين و
العاقبة للمتّقين ، و لا عدوان إلاّ على الظّالمين ، ففي الوقت الّذي
تتَّجه قلوب المؤمنين المخلصين و تتعلَّق أفئدة المتَّقين الموحِّدين بأن
يظفروا بالسّفر إلى المسجد الحرام ، و يكونوا من حُجَّاج البيت العتيق ؛
تتعلَّق قلوب كثيرٍ من المفتونين من العوامّ و المتديِّنين - و للأسف -
بأن يكونوا من حُجَّاج الكرة و الفريق !
تسابقٌ محمومٌ و اهتمامٌ
مذمومٌ بلهوٍ باطلٍ و نصرٍ موهومٍ ، أصاب أقواماً من المسلمين فَصَرَفَهم
عن معالي الأمور ، و أشغلهم بالسّفاسف و القشور ، حتّى أضحتْ هذه اللّعبة
نوعاً من العبادة أو قارَبَت ، و أصبحتَ لا تقرأ و لا تسمع و لا ترى إلاّ
حديثاً عنها و تذكيراً بها و دعوةً إليها و دعاءً و خوفاً و رجاءً و بكاءً
من أجلها .
وقد سمّى الله عزّ وجلّ الهوى المتَّبع إلهاً ، فقال : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ } [ الجاثية : 23 ]
وقد قال النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم : " تعِسَ عبدُ الدِّينار و الدِّرهم و القطيفة و الخميصة ... "
( البخاري : 2886 ) ، فإذا كان طلبُ الرِّزق و الاستكثار من المال
للاستغناء عن النّاس مباحاً في الأصل ، و قد يكون مستحبّاً أو واجباً ؛
فإنَّ الاشتغالَ به على وجهٍ يكون هو أكبرَ همِّ الإنسان ، و غايةَ مطلبِه
و مبلغَ علمِه - مذمومٌ ، و صاحبُه مدعوٌّ عليه بالتّعاسة و موصوفٌ
بالعبودية له ، فكيف بلهوٍ مُشغلٍ ، أقلُّ ما يقال فيه – تنزُّلاً - أنّه
مكروهٌ ! فكيف إذا انضمَّ إلى ذلك كشفٌ للعورات و تضييعٌ للصّلوات و
إهدارٌ للأموال و الأوقات ، و إثارةٌ للنّعرات و العصبيَّات ، و سِبابٌ و
شتائمُ ، و تخريبٌ و تكسيرٌ ، و أذيَّةٌ للمسلمين .
كيف لعاقلٍ فضلاً عن
مسلمٍ فضلاً عن مستقيمٍ ؛ أن يجعل ذلك همَّه و شُغلَه ، يُصبح عليه و
يُمسي ، و يسبِّح به أدبار الصّلوات ، و يدعو به في السّجدات و الخلوات .
إنَّ النّاظر في أحوال
المسلمين و المتصفِّح لما يُكتب في الصّحف و المواقع الإلكترونيّة ، ليرى
كيف أصبحت هذه اللُّعبة تضاهي العبادة ، بل كثيرٌ من أصحابها صار اهتمامهم
بها أبلغَ من اهتمامهم بالعبادة .
فمنهم من يشبِّه السّفر
إليها ( بالحجّ ) ، و منهم من يسمّي اللاّعبين ( بالمحاربين ) ، و
المقابلةَ ( بالغزوة ) أو ( الموقعة ) ، و مكانَ التّدريب ( بالمُعسكر ) ،
و المشجِّعين ( بالأنصار ) ، و منهم من باع هاتفَه و حُلِيَّ أمِّه ليلتحق
( بالمرابطين ) ، و منهم من يُنفق ماله في سبيلها بسخاء ، و إذا جاءه
المحتاج المكروب ، ردّ عليه ب : " الله ينوب " ، و منهم من ذرف الدّمع من
أجلها ولم تدمع عينُه يوماً من خشية الله ، و منهم من يدعو الله بأسمائه
الحسنى و بكلِّ اسمٍ سمَّى به نفسه أو أنزله في كتابه بل باسمه الأعظم
الّذي إذا دُعي به أجاب أن ينصرَ فريقه ، و لعلَّه لم يعرف هذا الدّعاء من
قبل ، و لم يستعمله في طلبِ الجنّة و النّجاة من النّار ، و منهم – و يا
للمصيبة ! - من خرج يهتف فرحاً بالفوز ، على بُعد أمتارٍ من مسجد رسول
الله صلّى الله عليه و سلّم عقِب صلاة التّراويح في رمضان ، في ليلة
ارتجَّ فيها المسجدُ بالبكاء تأثُّرا بدعاء بليغ من إمام المسجد النّبوي ،
ذكَّر فيه المصلِّين بالآخرة ، و منهم من جاء للحجّ و بالُه مشغولٌ
بالمقابلة ، و همُّه معقودٌ بالدّعاء لفريقه ، بل لقد قرأنا أنّه قد جيء
بخطيبٍ للجمعة يخطب في اللاّعبين في مقرّهم - لأنّهم مشغولون بإعداد
العُدّة - ليحثّهم و يذكِّرهم ، و قرأنا أنّهم سيدخلون الملعب بسمّاعات
تتلو عليهم القرآن حتّى لا يسمعوا صخب المشجّعين المشاغبين !
ومن منَّا يجهل تاريخ 14
نوفمبر ، تاريخ المعركة الحاسمة الّتي سيكون فيها النّصر المؤزّر للإسلام
و المسلمين ، فإنْ تعادلَ الجيشان فمقابلةٌ أخرى فاصلةٌ يهلِك فيها من هلك
عن بيِّنة و يحيى من حيَّ عن بيِّنة !
و سيكون هذا التّاريخ
عيداً ثالثاً للمسلمين يشكرون الله فيه على نعمة النّصر ، و يكون
كالمقدِّمة لانتصاراتٍ أخرى ، أهمُّها النّصر على اليهود وتحرير فلسطين !
و من العجائب و العجائب
جمَّةٌ ؛ أنَّ السّواد الأعظم من هؤلاء هم الّذين خرجوا بالأمس يتظاهرون
لنُصرة ( غزَّة ) – زعموا – يريدون أن تُفتح الحدود لتحرير المسجد الأقصى
، و هم لم يحرِّروا أنفسهم من هذا الّذي استولى على قلوبهم .
و هذا يدلُّك على صدق
الدّعاة النّاصحين – و إن وَسَمَهم البعض بالمخذِّلين - الّذين بيَّنوا
أنَّ النّصر لا يتحقَّق إلا بعودة الأمَّة إلى دينها ، و الأخذ بالأسباب
الشّرعية الّتي أهمُّها الاعتصام بكتاب ربِّها و سنَّة نبِّيها .
فهل بمثل هؤلاء تُنصر غزَّة و تُفتح القدس ؟! كلاَّ ، و ربِّ الكعبة .
و يزداد الخطبُ سوءًا و
تتفطَّر الأكباد كمداً حين تتسرَّب بعض هذه الأفعال و الأحوال المذكورة و
غيرها إلى من يُنسب إلى الاستقامة ، بل إلى طلب علوم الشّرع و الشّعائر و
من يدخل المحاريب ويعتلي المنائر و المنابر !
فيا أيها النّاس ! ألا وقفةُ تأمُّلٍ و تفكُّرٍ فيما نحن فيه و ما آلَت أحوالنا إليه ؟
ألا عقلٌ راجحٌ يحجزنا عن
السّفاسف و القبائح ؟ ألا تفكيرٌ صحيحٌ و رأيٌ رجيحٌ يبصِّرنا بما يكيده
لنا اليهود و عُبَّاد المسيح ؟ ألا وازعٌ من دينٍ ينهانا عن منكرات الأمور
و يذكِّرنا بيوم البعث و النّشور ؟
اللّهمّ أرنا الحقَّ
حقًّا و ارزقنا اتِّباعه و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه ، و ثبِّت
على المحجّة البيضاء منَّا الأقدام ، و اجنُبنا و بَنِينا أن نعبُد
الأصنام .
و آخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .
منقول
لكاتبه :
سليم مجُّوبي الجزائريّ
- وفّقه الله -
طالب في مرحلة الماجستير بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبويّة
مقال الشّهر الّذي نُشر في :
موقع راية الإصلاح
28 ذو القعدة 1430 هـ
الحمد لله ربّ العالمين و
العاقبة للمتّقين ، و لا عدوان إلاّ على الظّالمين ، ففي الوقت الّذي
تتَّجه قلوب المؤمنين المخلصين و تتعلَّق أفئدة المتَّقين الموحِّدين بأن
يظفروا بالسّفر إلى المسجد الحرام ، و يكونوا من حُجَّاج البيت العتيق ؛
تتعلَّق قلوب كثيرٍ من المفتونين من العوامّ و المتديِّنين - و للأسف -
بأن يكونوا من حُجَّاج الكرة و الفريق !
تسابقٌ محمومٌ و اهتمامٌ
مذمومٌ بلهوٍ باطلٍ و نصرٍ موهومٍ ، أصاب أقواماً من المسلمين فَصَرَفَهم
عن معالي الأمور ، و أشغلهم بالسّفاسف و القشور ، حتّى أضحتْ هذه اللّعبة
نوعاً من العبادة أو قارَبَت ، و أصبحتَ لا تقرأ و لا تسمع و لا ترى إلاّ
حديثاً عنها و تذكيراً بها و دعوةً إليها و دعاءً و خوفاً و رجاءً و بكاءً
من أجلها .
وقد سمّى الله عزّ وجلّ الهوى المتَّبع إلهاً ، فقال : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ } [ الجاثية : 23 ]
وقد قال النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم : " تعِسَ عبدُ الدِّينار و الدِّرهم و القطيفة و الخميصة ... "
( البخاري : 2886 ) ، فإذا كان طلبُ الرِّزق و الاستكثار من المال
للاستغناء عن النّاس مباحاً في الأصل ، و قد يكون مستحبّاً أو واجباً ؛
فإنَّ الاشتغالَ به على وجهٍ يكون هو أكبرَ همِّ الإنسان ، و غايةَ مطلبِه
و مبلغَ علمِه - مذمومٌ ، و صاحبُه مدعوٌّ عليه بالتّعاسة و موصوفٌ
بالعبودية له ، فكيف بلهوٍ مُشغلٍ ، أقلُّ ما يقال فيه – تنزُّلاً - أنّه
مكروهٌ ! فكيف إذا انضمَّ إلى ذلك كشفٌ للعورات و تضييعٌ للصّلوات و
إهدارٌ للأموال و الأوقات ، و إثارةٌ للنّعرات و العصبيَّات ، و سِبابٌ و
شتائمُ ، و تخريبٌ و تكسيرٌ ، و أذيَّةٌ للمسلمين .
كيف لعاقلٍ فضلاً عن
مسلمٍ فضلاً عن مستقيمٍ ؛ أن يجعل ذلك همَّه و شُغلَه ، يُصبح عليه و
يُمسي ، و يسبِّح به أدبار الصّلوات ، و يدعو به في السّجدات و الخلوات .
إنَّ النّاظر في أحوال
المسلمين و المتصفِّح لما يُكتب في الصّحف و المواقع الإلكترونيّة ، ليرى
كيف أصبحت هذه اللُّعبة تضاهي العبادة ، بل كثيرٌ من أصحابها صار اهتمامهم
بها أبلغَ من اهتمامهم بالعبادة .
فمنهم من يشبِّه السّفر
إليها ( بالحجّ ) ، و منهم من يسمّي اللاّعبين ( بالمحاربين ) ، و
المقابلةَ ( بالغزوة ) أو ( الموقعة ) ، و مكانَ التّدريب ( بالمُعسكر ) ،
و المشجِّعين ( بالأنصار ) ، و منهم من باع هاتفَه و حُلِيَّ أمِّه ليلتحق
( بالمرابطين ) ، و منهم من يُنفق ماله في سبيلها بسخاء ، و إذا جاءه
المحتاج المكروب ، ردّ عليه ب : " الله ينوب " ، و منهم من ذرف الدّمع من
أجلها ولم تدمع عينُه يوماً من خشية الله ، و منهم من يدعو الله بأسمائه
الحسنى و بكلِّ اسمٍ سمَّى به نفسه أو أنزله في كتابه بل باسمه الأعظم
الّذي إذا دُعي به أجاب أن ينصرَ فريقه ، و لعلَّه لم يعرف هذا الدّعاء من
قبل ، و لم يستعمله في طلبِ الجنّة و النّجاة من النّار ، و منهم – و يا
للمصيبة ! - من خرج يهتف فرحاً بالفوز ، على بُعد أمتارٍ من مسجد رسول
الله صلّى الله عليه و سلّم عقِب صلاة التّراويح في رمضان ، في ليلة
ارتجَّ فيها المسجدُ بالبكاء تأثُّرا بدعاء بليغ من إمام المسجد النّبوي ،
ذكَّر فيه المصلِّين بالآخرة ، و منهم من جاء للحجّ و بالُه مشغولٌ
بالمقابلة ، و همُّه معقودٌ بالدّعاء لفريقه ، بل لقد قرأنا أنّه قد جيء
بخطيبٍ للجمعة يخطب في اللاّعبين في مقرّهم - لأنّهم مشغولون بإعداد
العُدّة - ليحثّهم و يذكِّرهم ، و قرأنا أنّهم سيدخلون الملعب بسمّاعات
تتلو عليهم القرآن حتّى لا يسمعوا صخب المشجّعين المشاغبين !
ومن منَّا يجهل تاريخ 14
نوفمبر ، تاريخ المعركة الحاسمة الّتي سيكون فيها النّصر المؤزّر للإسلام
و المسلمين ، فإنْ تعادلَ الجيشان فمقابلةٌ أخرى فاصلةٌ يهلِك فيها من هلك
عن بيِّنة و يحيى من حيَّ عن بيِّنة !
و سيكون هذا التّاريخ
عيداً ثالثاً للمسلمين يشكرون الله فيه على نعمة النّصر ، و يكون
كالمقدِّمة لانتصاراتٍ أخرى ، أهمُّها النّصر على اليهود وتحرير فلسطين !
و من العجائب و العجائب
جمَّةٌ ؛ أنَّ السّواد الأعظم من هؤلاء هم الّذين خرجوا بالأمس يتظاهرون
لنُصرة ( غزَّة ) – زعموا – يريدون أن تُفتح الحدود لتحرير المسجد الأقصى
، و هم لم يحرِّروا أنفسهم من هذا الّذي استولى على قلوبهم .
و هذا يدلُّك على صدق
الدّعاة النّاصحين – و إن وَسَمَهم البعض بالمخذِّلين - الّذين بيَّنوا
أنَّ النّصر لا يتحقَّق إلا بعودة الأمَّة إلى دينها ، و الأخذ بالأسباب
الشّرعية الّتي أهمُّها الاعتصام بكتاب ربِّها و سنَّة نبِّيها .
فهل بمثل هؤلاء تُنصر غزَّة و تُفتح القدس ؟! كلاَّ ، و ربِّ الكعبة .
و يزداد الخطبُ سوءًا و
تتفطَّر الأكباد كمداً حين تتسرَّب بعض هذه الأفعال و الأحوال المذكورة و
غيرها إلى من يُنسب إلى الاستقامة ، بل إلى طلب علوم الشّرع و الشّعائر و
من يدخل المحاريب ويعتلي المنائر و المنابر !
فيا أيها النّاس ! ألا وقفةُ تأمُّلٍ و تفكُّرٍ فيما نحن فيه و ما آلَت أحوالنا إليه ؟
ألا عقلٌ راجحٌ يحجزنا عن
السّفاسف و القبائح ؟ ألا تفكيرٌ صحيحٌ و رأيٌ رجيحٌ يبصِّرنا بما يكيده
لنا اليهود و عُبَّاد المسيح ؟ ألا وازعٌ من دينٍ ينهانا عن منكرات الأمور
و يذكِّرنا بيوم البعث و النّشور ؟
اللّهمّ أرنا الحقَّ
حقًّا و ارزقنا اتِّباعه و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه ، و ثبِّت
على المحجّة البيضاء منَّا الأقدام ، و اجنُبنا و بَنِينا أن نعبُد
الأصنام .
و آخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .
منقول
صبي الدعوة- عضو جديــد
- عدد المساهمات : 12
السٌّمـــــعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/09/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى